
لطالما أدان المنتقدون علاقات الزعيم التركي أردوغان مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. وفي اجتماع مشترك عقد في أنقرة في نوفمبر٢٠٢٠، وقع البلدان ١٠ صفقات شهدت شراء هيئة قطر للاستثمار حصة ١٠٪ في البورصة الرئيسية في تركيا، بالإضافة إلى اتفاقيات لنقل أسهم مركز تسوق فاخر في إسطنبول وميناء في مدينة أنطاليا التركية على البحر الأبيض المتوسط، من بين اتفاقات أخرى. ويأتي ذلك بالإضافة إلى اتفاقية مبادلة بقيمة ١٥ مليار دولار بين تركيا وقطر، والتي يمكن توسيعها في الأسابيع المقبلة في الوقت الذي يسعى فيه البنك المركزي التركي حاليا إلى الحصول على خطوط ائتمان جديدة. وقد ساعدت هذه الاتفاقات الحكومتين على دعم بعضهما البعض خلال فترات العزلة السياسية، كما هو الحال مع الحصار الذي قادته السعودية على قطر، وعززت التعاون في مختلف المجالات.
لطالما جذب التعاون بين الحليفين الاستراتيجيين تركيا وقطر تدقيقا من أحزاب المعارضة في أنقرة. وتحت عنوان بروتوكول التعاون والتعليم الصحي العسكري التركي القطري، تتيح الاتفاقية فرصا لكل من الطلاب العسكريين الأتراك والقطريين للحصول على شهادات من البرامج الجامعية التي تشمل طب الأسنان والصيدلة وغيرها من الدراسات المتعلقة بالصحة. وسيطبق برنامج التبادل لمدة خمس سنوات، على الرغم من أن بعض التقارير الإعلامية الأولية زعمت أن الاتفاق سيسمح للطلاب القطريين بدخول المؤسسات التركية دون إجراء امتحانات القبول المطلوبة عادة، مما أثار رد فعل عنيف من رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي كمال كيليكدار أوغلو. “ألم يخرج أحدكم ويقول إن هذا غير عادل؟ أطفالنا يضيعون كل شبابهم للدخول إلى تلك المدارس”، غرد كيليكدار أوغلو على تويتر بشأن الاتفاقات يوم الجمعة، مضيفا: “سنمزق هذه البروتوكولات”.
وتظهر مثل هذه البروتوكولات وغيرها من الاتفاقيات بين البلدين أن أردوغان يبيع بلاده بالفعل مقابل أموال قطرية. ويبرز ذلك من خلال خطة أخرى قيد التنفيذ، حيث تعتزم الحكومة القطرية وضع حوالي ٣٦ من طائراتها الحربية وناقلاتها في تركيا بموجب اتفاق “نشر مؤقت” مدته خمس سنوات. ولكن هذه الخطوة قد تخلق صداعا سياسيا لكلا البلدين، حيث يتعين على الحكومة الفرنسية أن تزن السياسة الداخلية والرغبة في توسيع نطاق تواجدها الصناعي الدفاعي في المنطقة. وستتمكن قطر من نشر ٣٦ طائرة مقاتلة و٢٥٠ عسكريا مؤقتا في تركيا لاغراض التدريب، طبقا لاتفاق تقني عرض على البرلمان التركي الشهر الماضي. ويسمح الاتفاق، الذي يجري العمل عليه منذ بعض الوقت ووقعه أخيرا رئيسا أركان البلدين في الدوحة في ٢ مارس ٢٠٢١، لقطر بنشر مقاتلات نفاثة وناقلات من القواعد التركية لغرض التدريب وتقديم الدعم داخل المجال الجوي للبلد المضيف. ويشير الاتفاق، الذي لم يعلن عنه رسميا، ولكن تم تسريبه إلى وسائل الإعلام، إلى أن قطر ستقوم ببناء المنشآت اللازمة لاستيعاب الطائرات الحربية، إلى جانب طياريها وطواقم الدعم. وقالت الحكومة إن “الاتفاق يهدف إلى المساهمة في خبرة وتدريب الطيارين العسكريين القطريين من خلال السماح لهم باستخدام المجال الجوي والموانئ التركية مؤقتا”.
وفي استغلال واضح لمنصبه، حقق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أرباحا بعشرات الملايين من الدولارات على خلفية الصفقات العسكرية والدفاعية مع قطر، مستخدما العديد من الشركات التي يديرها اشخاص مقربون له. احدا هذه الشركات التي تم تحديدها مؤخرا هي ” إم دي سي ” لحلول الدفاع الحديثة وكان مقرها الرئيسي في اسطنبول وكان لها فرع في الدوحة، وقد تأسست الشركة في نوفمبر ٢٠١٧ لإثراء المشاريع العائلية للرئيس أردوغان في الصناعات الدفاعية والعسكرية. ووفقا لسعيد سيفا، وهو صحفي تركي مقيم في كندا، كانت وزارة الدفاع وغيرها من الجماعات جزءا من مخطط كبير لغسل الأموال وإثراء أسرة الرئيس أردوغان والمساعدة في تسهيل تحويل الأموال بين تركيا وقطر بوسائل مختلفة. وادعى أن تجارة الأسلحة، قد عولجت من خلال إدارة المخدرات باستخدام فروعها في الخارج. والواقع أن عددا كبيرا من المناقصات العسكرية والعقود الدفاعية عرضت على شركة “إم دي سي” والشركات التابعة لها من قبل القوات المسلحة التركية بأسعار مبالغ فيها، وانتهى الأمر برشاوى من هذه العقود إلى أيدي الرئيس أردوغان ورفاقه لتمويل عمليات مختلفة بما في ذلك الحملة الانتخابية لأردوغان. ويعتقد سيفا أن مليارات الدولارات قد خبأت حتى الآن في البنوك القطرية من قبل القائمين على رعاية أردوغان، وسوف تستخدم في تركيا خلال الحملات الانتخابية خاصة في وقت كان فيه أداء الاقتصاد التركي ضعيفا.
فقد أقامت تركيا وقطر، اللتين تديرهما القيادة الإسلامية بما يتماشى مع أيديولوجية “الإخوان المسلمين”، تحالفا وثيقا على مدى سنوات، حتى أن الجيش التركي أنشأ قاعدة عسكرية في الدوحة مع خطط لزيادتها من خلال إضافة أصول جوية وبحرية. ومول البلدان الجماعات الجهادية في سوريا وليبيا وسلحا ودرباها، وتحديا الهيمنة السعودية المصرية على الشؤون العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد تم إبرام العديد من الصفقات بين تركيا وقطر على مر السنين. على سبيل المثال، في الترتيبات التي اتخذت على عجل في عام ٢٠١٨، سارع أردوغان إلى التوصل إلى اتفاق بين تركيا وقطر من خلال البرلمان للموافقة عليه قبل قراره بتسليم مصنع للدبابات والبليت بقيمة ٢٠ مليار دولار إلى شركة يديرها شركاؤه والجيش القطري بشكل مشترك. وجاءت الصفقة، وهي تجنب اتفاق الازدواج الضريبي، في الوقت المناسب قبل أن تقدم حكومة أردوغان مصنعا وطنيا للدبابات بمليارات الدولارات على طبق من فضة إلى شركة “بي إم سي” التركية القطرية لصناعة المركبات المدرعة، وهي شركة يديرها إيثيم سانجاك، عضو الهيئة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية الحاكم. كما وقعت تركيا وقطر بروتوكولا أمنيا لنشر وحدات الشرطة التركية في الدولة الخليجية خلال كأس العالم لكرة القدم وغيرها من الفعاليات الضخمة.
1 thought on “هل يبيع أردوغان تركيا إلى قطر؟”