
وقد وردت تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة ستقلص من حجم وجودها العسكري في الشرق الأوسط، مع الحفاظ على علاقات قوية مع دول الخليج. وستتم معظم عمليات الانسحاب في المملكة العربية السعودية والعراق والكويت والأردن، مما يزيل بشكل فعال طبقة الحماية التي يتمتع بها حلفاء الولايات المتحدة الإقليميون من الصواريخ والطائرات بدون طيار، وفي حين عززت المملكة العربية السعودية دفاعاتها الخاصة في مواجهة الهجمات المستمرة بالطائرات بدون طيار وصواريخ كروز من الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في اليمن، لا يزال التحدي الرئيسي للرياض هو حماية المواقع الحيوية. وقبل عامين فقط، شنت إيران هجوما مفاجئا واسع النطاق على مصفاة سعودية في الجزء الشرقي من الدولة الخليجية، مما ألحق أضرارا كبيرة بقدراتها على إنتاج النفط. كما توضح الانسحابات أن المنطقة ليست أولوية بالنسبة لإدارة جو بايدن، وربما تكون بمثابة مقدمة لطهران، التي يبدو رئيسها المتشدد الجديد المنتخب إبراهيم رايسي أقل حرصا على إحياء الاتفاق النووي لعام ٢٠١٥.
ونظرا لهذا الواقع الإقليمي الجديد، يجب على إسرائيل أن تتصرف. إن تكتيكات رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، التي تنتقد الإدارة الأمريكية، لن تغير أي شيء إلى الأفضل، مع المحادثات المباشرة والحميمة مع واشنطن الطريقة الوحيدة لحماية المصالح الحيوية لإسرائيل. ولكن هناك خيار آخر في اللعب وهو ان تعزز إسرائيل تعاونها مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. فبعضها لديه بالفعل علاقات دبلوماسية مفتوحة مع إسرائيل، في حين يقيم آخرون اتصالات غير رسمية. وسيتطلب هذا التعاون البناء على المصالح المشتركة.
ولا يجب ان ينخرط أي من الطرفين في أعمال مشبوهة من خلال التعاون مع الأعداء في المنطقة. ومع ازالة الدفاعات الجوية الأمريكية عن الطاولة، يجب على إسرائيل أن تقدم أنظمة الدفاع الصاروخي “القبة الحديدية” و”حبال ديفيد” إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين. ولكلا الجانبين مكاسب كثيرة، فتكتسب البلدان المتلقية طبقة دفاع صاروخي فعالة ومثبتة متعددة المستويات، في حين تكتسب إسرائيل، التي تواجه تهديدات مستمرة للشمال والجنوب، قدرة أكبر على مواصلة تطوير هذه النظم. وهذا الترتيب ليس بالطبع مجرد ترتيب مالي، بل يمكن أن يكون بداية تعاون استراتيجي وتكنولوجي فريد يمكن أن يغير حقا ميزان القوى في المنطقة ويفتح الباب أمام إقامة علاقات دبلوماسية علنية.
ما يحفز الحديث عن مبيعات الأسلحة هو تهديد إيران المستمر لأمن المنطقة. فدول الخليج الصغيرة مثل البحرين وعمان ليس لديها نزاع جوهري مع إسرائيل، لكنها مرعوبة من جارتها الإيرانية، التي تحب حكومتها الشيعية الأصولية الإطاحة بالحكام السنة المحافظين في الخليج. تمتلك إيران جيشا أكبر بكثير من دول الخليج الغنية والأقل حجماً وسكاناً. وكانت المخاوف بشأن إيران محركا لاتفاقية توسطت فيها الولايات المتحدة في ١٥ سبتمبر اضافت الطابع الرسمي على العلاقات بين اسرائيل والامارات والبحرين. وشجعت المملكة العربية السعودية على هذا التقارب، بينما توقفت عن إقامة علاقات ثنائية مع إسرائيل في الوقت الراهن. تمتلك إيران البرنامج الصاروخي الأكثر شمولا وتقدما بعد برنامج إسرائيل في المنطقة. وينظر إليها على نطاق واسع على أنها واحدة من الأدوات الرئيسية للجمهورية الإسلامية لردع الهجمات على مصالحها، ولكن الولايات المتحدة ترى في الترسانة تهديدا لشركائها الإقليميين، بما في ذلك إسرائيل والمملكة العربية السعودية. كما أن إيران مؤيد معروف لمختلف الميليشيات في جميع أنحاء المنطقة من خلال تمويل وتوريد الأسلحة. وتشكل هذه الميليشيات مثل الحوثيين وحزب الله وحماس تهديدا لدول الخليج والمنطقة ككل.
وهذا يعني أن التوصل إلى اتفاق مع الخليج قد ينطوي على تكنولوجيا دفاع جوي أخرى طورتها إسرائيل، والتي تتميز بها إسرائيل وقد باعتها بالفعل في الخارج لدول عديدة. وقد تواجه القبة الحديدية، وسلينج ديفيد، وسهم عقبات بسبب الدعم الأمريكي للبرامج. وقد يكون من الأسهل تقديم أنظمة أخرى في الوقت الراهن. وهناك قضايا أخرى تتعلق بذلك، مثل إنشاء لغة أساسية للتعاون في مجال الدفاع الجوي للتحذير من التهديدات في جميع أنحاء المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المناورات البحرية المشتركة، أو التدريبات المشتركة للقوات الجوية التي قد يشارك فيها الطيارون الإسرائيليون إلى جانب أقرانهم في الخليج، من شأنها أن تساعد في خلق هذه اللغة المشتركة. لكن الفكرة قسمت الحكومة الإسرائيلية بين أولئك الذين يرون في مبيعات الأسلحة أداة لترسيخ العلاقات مع خصم سابق، وأولئك الذين يخشون من أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بأمن إسرائيل. أيضا، قد لا يكون من الممكن تقديم القبة الحديدية بسبب بعض القضايا الحساسة التي ينطوي عليها النظام.
باعت الشركات الإسرائيلية أنظمة دفاعية إلى الإمارات العربية المتحدة والبحرين حتى قبل توقيع اتفاقات أبراهام، ولكن هذه كانت بشكل رئيسي في فئتي الأمن الداخلي والسيبراني، وليس الأسلحة الحركية. لذا، فإن هذه الخطوة الجديدة تمثل فصلا جديدا لا يعرف أحد نتيجته الحقيقية. هناك العديد من الفوائد لكلا الطرفين من المضي قدما في الاتفاق، وتحديدا لإسرائيل التي ستحصل على مكاسب تكتيكية ومكاسب مالية كبيرة. ولكن في الوقت نفسه، يخشى الكثيرون في الدولة اليهودية من أن تكون مثل هذه الخطوة بمثابة تعزيز للقوى الرئيسية الأخرى داخل المنطقة التي يمكن أن تعمل في وقت لاحق ضد المصلحة العليا لإسرائيل. يبدو أن العديد من الصفقات ستحدث بالفعل، ولكن سيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما هي التكنولوجيات أو الأسلحة التي ستكون خارج الطاولة في نهاية المطاف.
1 thought on “لماذا يجب على إسرائيل تعميق التعاون في مجال الدفاع الجوي مع الخليج”