
من هي بيري الحريري؟ يزداد المشهد الموسيقي في العالم العربي ثراء، مع دخول أنواع جديدة إلى الساحة مؤخرا. موسيقى الراب موجودة منذ فترة طويلة، حتى في العالم العربي، ومع ذلك فإن مشهد الراب في العالم العربي ينمو بشكل كبير في السنوات الأخيرة، على الرغم من أن مغني الراب الذكور يهيمنون عليه في الغالب. حتى في الولايات المتحدة، هناك العديد من الفنانين الذكور البارزين داخل الراب والهيب هوب أكثر من الفنانين الإناث. في العالم العربي، غالبا ما تتشابك القضايا الجنسانية مع القضايا السياسية والثقافية والاقتصادية والدينية الأخرى، مما يجعل من الصعب في بعض الأحيان على مغنيات الراب أن يصبحن محبوبات. وهناك موجة جديدة من مغنيات الراب الشابات تغير هذه الصورة وتترك بصماتها على صناعة الموسيقى العربية. هذه الحركة الجديدة مستوحاة من حركة نسوية تجري في العالم العربي أيضا.
ومن بين هؤلاء الفنانات الصاعدات بيري الحريري، وهي ابنة الممثل المصري عمر محمد صالح الحريري والممثلة المغربية رشيدة رحموني. عندما كبرت كانت محاطة بالموسيقى والفن بشكل عام، وكانت متحمسة للمضي في هذا المجال في المستقبل. بعد الانتهاء من المدرسة الثانوية في مصر، سافرت إلى بريطانيا لدراسة هندسة الصوت والأداء المسرحي، وخلال دراستها، عملت كمديرة إنتاج في إنجلترا، وأنهت دراستها وعادت إلى مصر. بدأت رحلتها في صناعة الراب مؤخرا عندما أصدرت أول أغنية عربية لها، “عشان كدا قلت لا”. كانت هذه الأغنية ردا على أغنية قدمها الفنان تميم يونس أزعجت بيري وحرضتها على الرد بعمل هذه الأغنية.
وأصبحت هذه بداية صراع مستمر بين الاثنين. أصدر تميم يونس مؤخرا أغنية بعنوان “السالمونيلا” أثارت مشاعر معينة مرة أخرى في بيري ودفعتها لتسجيل وإصدار أغنية مماثلة باسم “شيغيلا”. وأصبح هذا الاتجاه، حيث يغني الفنانان من وجهات نظر مختلفة على إيقاع مماثل، وهو مفهوم جديد للموسيقى المصرية خاصة على الساحة الموسيقية الراب التي يهيمن عليها الذكور منذ فترة طويلة.
بيري تمهد الطريق لفنانات أخريات أن يفعلن الشيء نفسه وأن تسمع أصواتهن. كما أنها ليست الوحيدة في العالم العربي التي تفعل ذلك، حيث ظهرت فنانات شابات من مختلف البلدان مؤخرا. وقد أطلق على شادية منصور لقب “السيدة الأولى للهيب هوب العربي”. وهي فنانة فلسطينية بريطانية تقدم عروضها منذ سن مبكرة. تعتبر منصور نفسها جزءا من “انتفاضة موسيقية” وتستخدم منصتها لتسليط الضوء على النضال الفلسطيني. صوت موسيقاها يذكرنا الراب من الثمانينات والتسعينيات، جنبا إلى جنب مع كلمات قاسية تستخدم لتسليط الضوء على المظالم السياسية.
سولتانا مغنية راب مغربية كانت واحدة من أوائل مغنيات الراب في المنطقة. وينسب إليها الفضل على نطاق واسع في تمهيد طريق جديد لمغني الراب الإناث في العالم العربي، وخاصة في شمال أفريقيا. أصبحت مشهورة كجزء من مجموعة فتيات تسمى “تيغريس فلو” قبل أن تغادر من تلقاء نفسها لتصبح فنانة منفردة. واحدة من أكبر أغانيها، ساوت نسا، تسلط الضوء على التحرش الجنسي في المغرب. مالكة هي “ملكة الهيب هوب” التي نصبت نفسها بنفسها. ولدت في فرنسا لأم جزائرية وأب لبناني، لكنها نشأت في بيروت.
تمتد مسيرة مليكة الموسيقية إلى ما يقرب من ٢٠ عاما. غنت في غلاستونبري وافتتحت ل سنوب دوج في أبو ظبي في عام ٢٠١١. كما أن مليكة شخصية عامة صريحة فقد انتقدت دعم الانتفاضة الحالية في لبنان، فضلا عن التمييز ضد العرب في الغرب. أسايل سلاي فنانة سعودية اكتسبت شعبية لأول مرة من خلال أغنيتها “بنت مكة المكرمة”، التي احتفلت فيها بالنساء السعوديات. وأثارت الأغنية الكثير من الانتقادات، خاصة من المحافظين، مما أدى إلى وضع أسايل سلاي في السجن. ميريم ساسي فنانة جزائرية فرت إلى مونتريال خلال الحرب الأهلية. موسيقاها تعكس لها العديد من التأثيرات المتنوعة. فهي تستخدم النغمات الأفريقية مع المدرسة القديمة للهيب هوب. كما تستخدم الفرنسية والعربية والإنجليزية في أغانيها، مما يجعل موسيقاها مفهومة على نطاق واسع من قبل جمهور متنوع.
أصبحت الحركة النسوية محركا كبيرا للفنانات الشابات للبدء في التعبير عن ذواتهن بحرية في المجتمعات التي كانت ضد مثل هذه المفاهيم لفترة طويلة من الزمن. ومن المعروف أن المجتمعات العربية أكثر انغلاقا عندما يتعلق الأمر بالمرأة، وهناك العديد من المواضيع التي تعتبر من المحرمات خاصة إذا ناقشتها المرأة. الحركة النسوية المتنامية في العالم العربي تحطم هذه الحواجز لأن النساء يشعرن بأن الوقت قد حان ليكون لها صوت والتحدث ضد القوالب النمطية التي خلقها الرجال لعدة قرون. وقد أعطى ذلك أصواتا للكثيرين، مثل مغني الراب المذكورين سابقا في هذا المقال، وسيستمر في إلهام العديد من الفنانات الجديدات لاستكشاف أنفسهن والغني عن القضايا التي يمكن للفتيات الأخريات أن يرتبطن بها ويفهمنها من نضالهن اليومي إلى المجتمع والقيود الأسرية. هنالك موجة جديدة تتشكل في صناعة الموسيقى العربية، ومن المثير أن نرى ما يخبئه المستقبل في هذا المجال.