
وفي المنطقة، تبرز البحرين بسرعة باعتبارها رائدة في مجال الأسواق المالية، حيث اختارت شركات المنتجات الاستهلاكية العملاقة العالمية مثل آرلا ومونديليز وكيمبرلي كلارك وريكيت بنكيزر المملكة كقاعدة تصنيع إقليمية ومركز توزيع.
لطالما كان الخليج منطقة اقتصادية قوية في يغذيها إنتاج النفط والغاز. ومع انتشار وباء الكورونا وتأثيره على الاقتصادات العالمية، كانت عملية التعافي في العديد من البلدان بطيئة نسبيا، ولكن بلدان مجلس التعاون الخليجي تسير بشكل أفضل بكثير. وعلى الرغم من أن أسعار النفط قد تعرضت لضربات كبيرة بسبب الوباء، إلا أن العديد من دول مجلس التعاون الخليجي تعمل على تنويع مصادر الإيرادات للابتعاد عن الاعتماد الكبير على النفط والغاز. ومن المحتمل أن يؤدي ارتفاع الإنفاق في الميزانية إلى توسع أسرع في النشاط غير النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي هذا العام، وهو ما يتماشى مع السياسات المتوسطة الأجل، مثل رؤية المملكة ٢٠٣٠، الموجهة نحو زيادة حصة الإيرادات غير النفطية في الميزانيات الإقليمية وخفض قابلية النمو الاقتصادي للتقلبات في أسعار النفط.
وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، استعاد الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالفعل مستواه قبل تفشي الوباء وسيواصل الانتعاش وسط الرفع التدريجي للقيود واستراتيجية الاستثمار غير المقيدة من قيود انخفاض أسعار النفط. وسيكون الإنفاق الاستثماري المحلي الذي يهدف إلى دفع عجلة تحقيق رؤية ٢٠٣٠، خطة الإصلاح الطموحة لتحويل الاقتصاد السعودي، محركا رئيسيا لانتعاش النمو غير النفطي هذا العام وما بعده. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت الحكومة عن طموحاتها لمضاعفة الناتج المحلي الإجمالي على مدى العقد المقبل. وقد دعم ذلك سياسات لجذب الاستثمارات الأجنبية والمواهب، فضلا عن خطط التنمية. ويمثل انتعاش أسعار النفط فرصة لاقتصادات الخليج للتعجيل بالانتعاش من الوباء وتعزيز التنويع ونحن ننتقل إلى حقبة ما بعد الكورونا.
دولة أخرى تقوم بصياغة الخطط وتنفيذها في نفس الصدد للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هي البحرين. ولهذا البلد الخليجي الصغير خطة قوية لمرحلة ما بعد الكورونا ستمكنه من مواصلة تنويع اقتصاده. وتشير البيانات إلى أن تجارة البحرين غير النفطية انتعشت بسرعة من أدنى مستوى لها في عام ٢٠٢٠. وقد تعرقلت التجارة الدولية بشدة في الربع الثاني من عام ٢٠٢٠، حيث تسببت عمليات الإغلاق في إغلاق الحدود وتعطيل سلاسل التوريد بشكل كبير. بلغت التجارة بين البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي في النصف الأول من عام ٢٠٢١ حوالي ٣.٤٥ مليار دولار أمريكي مقابل ٢.٨٨ مليار دولار في النصف الأول من عام ٢٠٢٠. وقال علي المديفة، المدير التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية في البحرين، إن الأرقام الأخيرة تظهر تقدما كبيرا على أساس سنوي. وأضاف: “لقد عملت البحرين جاهدة إلى جانب شركائها في مجلس التعاون الخليجي لتعزيز التجارة في المنطقة منذ التباطؤ الوبائي. إن اقتصاد البحرين المتنوع بشكل متزايد يتيح فرصا ممتازة للمستثمرين الأجانب، ونحن نتطلع إلى مساعدة المزيد من الشركات على الاستفادة من السوق الخليجية المزدهرة في الأشهر المقبلة”.
ومن بين أكبر الصادرات إلى الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب خام الحديد ومنتجات الألمنيوم، الجبن والبسكويت المصنع في مصانع البحرين العملاقة التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات. تقع البحرين على بعد ٤٠ دقيقة فقط بالسيارة من أكبر سوق في المنطقة، المملكة العربية السعودية، وتتصل ببقية دول مجلس التعاون الخليجي عبر رحلات يومية متعددة على متن الناقل الوطني، طيران الخليج. وقد ارتفعت قيمة صادرات البحرين العالمية بأكثر من ٧٠٪ على مدار العام، لتصل إلى ١.١٢ مليار دولار بنهاية الربع الثاني. وانخفضت قيمة الواردات بنحو ٨٪ لتصل إلى ما يزيد قليلا عن مليار دولار.
تعتبر البحرين حاليا من أفضل الدول التي تواصل جذب المستثمرين من مختلف القطاعات في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط. وليس من قبيل المصادفة أن ننظر في الخطوات الفعالة التي اتخذتها الحكومة نحو تحقيق الرؤية الاقتصادية لعام ٢٠٣٠. تعمل الحكومة البحرينية على دفع البلاد إلى الأمام لتصبح مركزا للأعمال والاستثمار في المنطقة، وجذب المستثمرين الدوليين. العملة البحرينية هي ثاني أعلى العملات على مستوى العالم بعد الدينار الكويتي. تتمتع مملكة البحرين باقتصاد مفتوح وحر، يقاس بخمسة جوانب: حجم الحكومة، والنظام القانوني، وأمن حقوق الملكية، والحصول على المال السليم، وحرية التجارة الدولية، وتنظيم الائتمان، والعمل، والشركات. وتقع مملكة البحرين في قلب دول مجلس التعاون الخليجي، مع سهولة الوصول إليها برا أو بحرا أو جوا من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما يبعد مسافة قصيرة بالسيارة عن المملكة العربية السعودية التي تضم أكبر اقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي. البحرين مكرسة لتوفير واحدة من أكثر بيئات الأعمال ليبرالية في المنطقة. وتعفى الشركات الخاصة من الضرائب، ويفرض عدد قليل من الضرائب غير المباشرة على المؤسسات الخاصة والأفراد.
بالإضافة إلى ذلك، توفر المملكة إمكانية إعادة رأس المال إلى البحرين مجانا. كما أن اقتصاد البحرين هو الأدنى من حيث التكاليف التأسيسية الأساسية. هذه قيمة مضافة للمستثمرين، حيث أن القيمة الإيجارية للمكاتب والمساحات الصناعية أقل من أي دولة أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي. وتكلفة المعيشة منخفضة، مما يجعل مستويات الدخل أكثر قدرة على المنافسة من جميع البلدان المجاورة الأخرى. وغني عن القول إن البحرين ترحب بجميع الجنسيات بأذرع مفتوحة. سواء كانوا مقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة أو الدول العربية أو في الخارج. وقد لعب هذا التنوع دورا حيويا في مساعدة البحرين على الوصول إلى وضعها الحالي كمركز للأعمال والاستثمار.
1 thought on “في الوقت الذي يبحث فيه المستثمرون عن فرص جديدة في الخليج، أثبت اقتصاد البحرين المتنوع أهميته في المنطقة”