
يعد المناخ من أحد العوامل المهمة والأساسية التي تشكل عامل جذب للاستثمارات وتكوين قاعدة اقتصادية قوية. وفي الوقت الراهن تشكل التغيرات المناخية في العالم تحديا كبيرا، وتواجه جميع الدول تقلبات مناخية وجغرافية متنوعة تجعلها تتوجه لتبني استراتيجيات جديدة وحديثة لتمكنها من الحفاظ على استثمارتها وكذلك وتنويع مصادر الطاقة الأساسية كي تمكنها من الصمود في وجه هذه التغيرات المناخية وكذلك لتعمل على استغلالها بشكل إيجابي. لذلك تسعى جميع الدول على اتخاذ اجراءات مرنة وايجاد حلول متجددة وشاملة، لتصب جميعها في توفير مستقبل طاقة نظيفة ومتجددة وتقلل من التغيرات المتاخية، ونخص بالذكر الاحتباس الحراري والذي يعد من التحديات الكبرى التي تؤثر على العديد من القطاعات، فتسعى الدول أيضا على وضع ضوابط لجميع أنشطتها لتقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتأثيره.
ويتم في الوقت الحالي أخذ المناخ وتغيراته في عين الاعتبار بشكل متزايد في عددٍ من خطط التنمية المتنوعة المعنية بحماية السواحل وكيفية التعامل مع ارتفاع مستويات ماء البحر، وأيضا في ما يخص إدارة الأراضي والغابات وكيفية حل مشكلة انخفاض منسوب المياه، وكذلك تهتم هذه الخطط الحديثة بحماية أنظمة الطاقة والبنى التحتية عموما.
التحديات التي تواجه الدول في مجال تغير المناخ كبيرة جدا ولا يوجد حل واحد مثالي لجميع التغيرات والتحديات، لذلك تتبنى الدول استراتيجية الحلول المتنوعة لتستطيع التكيف ومعالجة تغير المناخ، لذلك تعتمد الدول على تنفيذ عدد من السياسات والتعاون على جميع المستويات. بعض الدول تكون أكثر عرضةً من غيرها لتغير المناخ، مما يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه والفيضانات المفاجئة وارتفاع مستويات التصحر، وبهذا فتتضرر وتتأثر جميع الأماكن الجغرافية على حدٍ سواء(1).
تقوم دول مجلس التعاون الخليجي بالعديد من الجهود المتنوعة والكبيرة، وتعقد العديد من الاتفاقيات التي من شأنها تطوير قطاعات الطاقة والاقتصاد والوصول لحلول وبدائل تتناسب مع التغيرات المناخية الحاصلة. ويجدر بنا هنا ذكر المؤتمر الرقمي المعني بالتغيرات المناخية والاجراءات المتخذة بشأنها وتحويل مصادر الطاقة في الإتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي.
لقد انعقد هذا المؤتمر في يوم الأربعاء الذي يوافق السابع من شهر يوليو في هذا العام (2021) وكانت محاور المؤتمر جميعها تركز على مجالي الاقتصاد والطاقة البديلة في ظل تغيرات المناخ. حيث يعد استبدال الطاقة من مصادرها الأساسية الحالية من الوقود الأحفوري كالنفط والغاز إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة هدفا أساسيا يسعى إليه كلُ من دول الإتحاد الأوروبي ودول الخليج. وتوضح الاسترتيجيات أنه يمكن بحلول عام 2050 خفض الاعتماد على النفط بما يقاب الـ 90% في جميع القطاعات(2).
ويعمل الإتحاد الأوربي بتعاون نشط مع باقي بلدان المنطقة لتحقيق جميع أهداف اتفاقية باريس، والتي تدعو إلى تعزيز العمل المناخي في جميع المجالات الاقتصادية على صعيد العديد من الدول التي تشمل دول مجلس التعاون الخليجي. وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، فهناك الصفقة الأوروبية الخضراء التي تشمل مجموعة من المبادرات السياسية التي اتخذتها المفوضية الأوروبية بهدف جعل أوروبا من المناطق المرنة في مواجهة التقلبات المناخية وتساعدها في الحفاظ على مناخها بأقل الأضرار الممكنة، وهذه الصفقة أيضا تفتح المجال للتعاون بين الإتحاد الأوروبي ودول الخليخ من حيث اتخاذ القرارات الطلوبة لمواجهة التغيرات المناخية ووضع خطط الطاقة البديلة. ونذكر أيضا أن دول الخليج حاليا تتوجه حاليا لسحب بعض من استثماراتها في أسواق النفط وتعمل على ضخ هذه الأموال في مجالات طاقة متجددة ونظيفة وهذا جميعه من شأنه أن يعزز الاقتصاد مستقبلا.