
التمييز العرقي أو العنصري ظاهرة عالمية، موجودة في كل ركن من أركان العالم تقريبا، والعالم العربي ليس استثناءً. فالعرب السود ممثلون تمثيلاً ناقصاً وغير مرئيين إلى حد كبير في البلدان “البيضاء” التي يهيمن عليها العرب، ويستبعدون من المؤسسات السياسية، والأكاديمية، والفنية، والدينية. نظراً لانعدام الحريات في معظم البلدان العربية، فقد عقد النقاش حول العنصرية بشكل رئيسي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبالإضافة إلى منشورات النشطاء والمنظمات غير الحكومية، اكتسبت القضية رؤية كبيرة بفضل المواقف التي عبر عنها عدد من المشاهير السود، مثل عارضة الأزياء السعودية عبير سيندر أو الممثل المصري محمد رمضان. وتشبه الحسابات المباشرة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى حد كبير في جميع أنحاء المنطقة، وقد أدى بعضها إلى ظهور العديد من رسائل الكراهية.
وتبرز هذه المسألة من خلال معايير الجمال الموجودة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتستند هذا المعيار على الناس ذو البشرة البيضاء، وهذا غالباً ما يؤدي إلى أشياء مثل الضغط على النساء السود لتقويم شعرهم، والتخلص من تجعيد الشعر وتبييض بشرتهم من أجل أن تكون مقبولة من قبل المجتمع وتناسب وفقاً لمعاييره. وهذا الضغط يحركه المجتمع وتغذيه العنصرية المتأصلة. والحقيقة المثيرة للاهتمام هي أن العديد من العرب ليسوا بيضاً، أو ليس لديهم ملامح بيضاء.
فلماذا هناك مثل هذا الميل الكبير للرفع من البشرة البيضاء والميزات البيضاء على أنها جميلة؟ الجواب بسيط، الاستعمار. كانت جميع الدول العربية تقريباً مستعمرة في مرحلة معينة من قبل دولة أوروبية، وكان جزء من تأثير القوى الاستعمارية هو الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الجمال. كما شاركت العديد من الدول العربية لعدة قرون في تجارة الرقيق، وأسرت الناس في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى واستخدامهم كعمال غير مدفوعي الأجر بأنفسهم أو بيعهم لتجار الرقيق الأوروبيين. في العديد من فترات التاريخ، تم أيضا استخدام العبيد للخدمة في الجيش.
والمجتمع التونسي مثال بارز على هذا التمييز، حيث يتعرض السود لسوء المعاملة والإساءة العنصرية على أساس يومي. تحدث بعض السكان المحليين قائلين إنهم يسمعون افتراءات لفظية في كل مكان يذهبون إليه. وقدر المجتمع المدني التونسي أن التونسيين السود يمثلون من ١٠الى ١٥ بالمئة من مجموع السكان، الذين لا يزالون غير مرئيين تقريباً عن أي موقع للسلطة. تستمر الاحتجاجات منذ فترة في تونس في محاولة لتغيير السرد والسماح باعتبار التونسيين السود متساوين في المجتمع. في نهاية عام ٢٠١٦، هزت جريمة ذات دوافع عنصرية المجتمع التونسي وأجبرت السلطات على اتخاذ إجراءات. تعرض ثلاثة طلاب كونغوليين لهجوم بسكين في وسط تونس العاصمة دون سبب واضح.
وكانت هذه نقطة تحول حقيقية شجعت على التغيير حيث أقر البرلمان التونسي أول قانون لمكافحة التمييز العنصري في العالم العربي، وهو قانون طالما دعت إليه المنظمة الرائدة في البلاد المناهضة للعنصرية، مما جعل تونس أول دولة عربية تصدر قانونا لمكافحة العنصرية. وبموجب التشريع الجديد، يعاقب على الإهانات أو الملاحظات المهينة بالسجن لمدة تتراوح بين شهر وسنة واحدة، فضلا عن غرامات تصل إلى ما يعادل حوالي ٤١٠ دولاراً. ومع ذلك، فإن إصدار قانون لا يكفي لأن القانون موجود على الورق فقط، ولا يملك ضحايا التمييز والهجمات العنصرية الوسائل اللازمة لاتخاذ إجراءات قانونية مطولة ومكلفة ضد الجناة. بل ينبغي أن يبدأ التثقيف بشأن العنصرية في سن مبكرة جدا في المدرسة ووسائل الإعلام تحتاج أيضا إلى التعامل مع هذا الموضوع، ووجود المزيد من السود في الصحافة والسياسة والأوساط الأكاديمية، وما إلى ذلك، يحتاج إلى تعزيز.