
كما لاحظ الكثيرون، فإن العالم يتجه نحو اعتماد أكبر على التكنولوجيا مقارنة بالسنوات الماضية وحتى العقود الماضية، معززاً بالتطورات السريعة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. ومن ثم، فإن العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم تتسرع في تكييف مثل هذه التكنولوجيات لمساعدتها في نشر استراتيجيات موجهة نحو التحول الرقمي. ولا يستثنى من ذلك بلدان مجلس التعاون الخليجي، بل هم يستثمرون بكثافة في الذكاء الاصطناعي كأداة لتحسين الكفاءة التشغيلية. تقترب حكومات دول مجلس التعاون الخليجي من ريادة الخدمات الرقمية على المستوى العالمي، بعد أن أثبتت بقوة أنها رائدة في مجال توفير الخدمات واعتمادها. وقد تم إثبات هذه النظرة في نتائج مسح المواطنين الحكومي الرقمي التي صدرت مؤخرا عام ٢٠٢٠، والتي تعرض بشكل لا لبس فيه النتائج البارزة في هذا المجال. وعلى وجه التحديد، حققت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر تقدما كبيرا، حيث احتلت المرتبة الثانية والثالثة والرابعة على التوالي في عدد الخدمات الرقمية التي تقدمها.
وقد أدى التحول نحو تكييف الذكاء الاصطناعي في المنطقة إلى إتاحة فرص كبيرة لشركات الذكاء الاصطناعي الدولية وتحديدا في قطاع الطاقة، وبشكل أكثر تحديدا في قطاع النفط والغاز. ومن الأمثلة على هذه الشركات شركة “بيوند ليمتس”، وهي شركة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي لديها عقد مبدئي مع شركة أرامكو السعودية، وهي شركة النفط والغاز الطبيعي العامة ومقرها في الظهران، وهي ناشطة أيضا في الكويت وعمان. وقال الرئيس التنفيذي لشركة “بيوند ليمتس”: “هناك شهية كبيرة، ونحن نرى في الواقع استثمارا كبيرا من المنطقة ومن الشركات العالمية التي تريد في الأساس أن تكون جزءا من هذا الاستثمار”.
وتحتل دولة الإمارات العربية المتحدة صدارة هذه الحركة التي بدأت في أكتوبر ٢٠١٧ عندما أطلقت حكومة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية الإمارات العربية المتحدة للذكاء الاصطناعي. وتغطي هذه الاستراتيجية قطاعات النقل والصحة والفضاء والطاقة المتجددة والمياه والتكنولوجيا والتعليم والبيئة وحركة المرور. ويقترن التركيز على هذه القطاعات بخمسة مواضيع تهدف إلى إدماج الذكاء الاصطناعي في العمليات العامة للبلد. وبالمثل، قررت المملكة العربية السعودية تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي كجزء من برنامجها لرؤية ٢٠٣٠ لتنويع اقتصاد البلاد بعيدا عن النفط، وتنمية قطاعها الخاص، وخلق فرص عمل للمستقبل. ومن الأمثلة على ذلك شركة “نيبل” السعودية الناشئة، وهي منصة لاستخراج البيانات البصرية والتعلم الآلي، تم إنشاؤها في عام ٢٠١٩ لمساعدة المؤسسات العامة والخاصة في جميع أنحاء المنطقة على أن تصبح أكثر سلاسة و تبسيطا.
وفي مقابلة أجريت مؤخرا مع سونيل كوشال، الرئيس التنفيذي الإقليمي لشركة ستاندرد تشارترد لأفريقيا والشرق الأوسط، نوقشت بعض النقاط الرئيسية حول التغييرات المقبلة للبنك وكيف سيخرج من مصاعب الوباء الحالي. وقد بدأ السيد كوشال بالقول إن الرقمنة هي مجال رئيسي للتركيز خاصة بعد أزمة الكورونا، وشدد على أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها عدد من السكان يتكون من أفراد شباب ذوي قدرات وكفاءات عالية في مجال التكنولوجيا يمكنهم الدفع نحو هذا التحول. كما تحدث عن كيفية تحول العملاء من خلال أوقات الحظر خلال جائحة الكورونا إلى القنوات الرقمية لجميع معاملاتهم، مما أثار المزيد من الاهتمام بالمنصات الرقمية كوسيلة للعمل وتسيير المهام اليومية. وبشكل عام، كانت مقابلة السيد كوشال مؤشرا واضحا على وجود دعم ملحوظ من المنظمات الدولية الكبرى لمنطقة مجلس التعاون الخليجي للمساعدة في تحويل الذكاء الاصطناعي وتكاملها.
1 thought on “كيف تؤدي الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي الى زيادة الكفاءة في دول مجلس التعاون الخليجي”